مكنت الثقافة الوقفية المسلمين من بناء مجتمعاتهم على أسس عادلة، وبفضل الأوقاف استطاع المسلمون أن يضمنوا الموارد المالية الكافية لتطوير التعليم والصحة وتحقيق التكافل المجتمعي. ومن خلال تفهمهم لمسؤوليتهم الاجتماعية، قام الواقفون بتحبيس أموال وأصول وأملاك، واشترطوا صرف ريعها لتحقيق مصالح للمجتمع في ميادين شتى. وبفضل الأوقاف تأسست المؤسسات التعليمية الرائدة في العالم الإسلامي بدءا بالزيتونة والقرويين إلى الأزهر وغيره من معاقل العلم في العالم الإسلامي، وبفضله أيضا شيدت المكتبات، ومآوي الطلاب، وأمنت أجور المدرسين، وشيدت البيمارستانات لتطبيب المرضى والعناية بمن يحتاجون إلى الرعاية...
وتعدت العناية بالإنسان من خلال الأوقاف إلى حفظ البيئة حيث عرفت بقاع عديدة من العالم الإسلامي أوقافا لحماية طيور مهاجرة إيمانا بدورها في التوازن البيئي، وأخرى للحفاظ على أنواع من الأسماك النادرة... وقد مكنت الأوقاف المجتمعات المسلمة من تنمية متوازنة ركزت على التعليم وبناء الإنسان أساسا، وتشعبت لتشمل ميادين الصحة والرعاية الاجتماعية وغيرهما.
وإذا كانت الأوقاف قد استُهدفت في بعض البلاد الإسلامية زمن خضوعها للاستعمار، فإن الثقافة الوقفية ظلت حاضرة في وعي المسلمين، وصارت مطلبا أشرفت على رعايته مؤسسات ووزارات في العالم الإسلامي بعد ذلك.
وكيف يمكن حوكمة الموارد الوقفية لتصرف في الغايات التي اشترطها الواقفون مما يتوافق مع خطط التنمية في البلدان الإسلامية؟.