ليست الحملة على السنة النبوية أمرا جديدا، ففي فترات سابقة ظهرت دعاوى رامت التشكيك في المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي. اليوم وبعد أن استطاع المنتقدون الترويج لقراءات ومقاربات اعتبرت القرآن الكريم نصا مجردا خارج خصوصية الوحي، ووظفت آليات الهيرمينوطيقا ومناهج التأويل والدلاليات والفيلولوجيا الغربية في التحليل والمقاربة، وجهوا سهام الانتقاد إلى السنة النبوية، والصحيحين على وجه الخصوص، وادعوا معارضة بعض الأحاديث للقرآن والعلم والمنطق، وَغَلَّبُوا سُلطان العقل في فهم الغيبيات وإن كانوا يعلمون أنه يَقْصُرُ أمامها.
نال البخاري حظا وافرا من الانتقاد، وانزاح البعض إلى مناقشة موضوعات من قبيل: هل البخاري معصوم، هل البخاري مقدس، صحيح البخاري ليس وحيا، جناية البخاري، صحيح البخاري نهاية الأسطورة، إنقاذ الدين من إمام المحدثين... إلخ
وبينما لقيت تلك الدعاوى انتقادات جمة من فئة العلماء المنصفين العارفين بموقع السنة النبوية من التشريع الإسلامي، والعارفين بمناهج المحدثين وتفاصيل علم الحديث وعلم الرجال، فإن البعض تحت شعار الدفاع عن السنة سارع إلى تأسيس كيانات بدعوى نخل الحديث وتنقيته من الشوائب وتفويت الفرصة على الجماعات المتطرفة التي استثمرت بعض الأحاديث الضعيفة في بناء نسقها الفكري المتشدد، وهم في ذلك يزكون عمل المنتقدين الذين باسم العقل والحداثية يجتهدون في نقض عرى الدين عروة عروة.
ونظرا لأهمية الموضوع وخطورته، خصصنا له هذه الجلسة الثانية من برنامج وآمنهم من خوف ليوم 6 رمضان 1440هـ.