لِفَرِيضَةِ اَلزَّكَاةِ وَسُنَّةِ اَلْوَقْفِ أَدْوَارٌ في تَحْقِيقِ التنمية بالمجتمعاتِ المسلمةِ وَتَحْقِيقِ اَلْأَمْنِ بها. وَإِذَا كَانتِ الزكاةُ قَدْ قَصَدَتْ مُحَاصَرَةَ دَوَائِرِ الفقرِ في المجتمعِ المسلمِ لِيُصْبِحَ كُلُّ أَفرادِهِ مُنْتِجِينَ قَادِرِينَ عَلَى إِيتَاءِ الرُّكْنِ الثالثِ من أركانِ الإسلامِ في المجتمع المنتِج، فَإِنَّ سُنَّةَ الوقفِ قَدْ قَصَدَتْ تَأمين المجتمع بكل تَنَوُّعِهِ الثقافيِّ والعقديِّ والاثنيِّ بِـحَبْسِ الأُصُولِ وَتَسْبِيلِ اَلْـمَنْفَعَةِ.
وإذا كانت الآية الكريمة من سورة التوبة: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ قَدْ حَدَّدَتْ مَصَارِفَ الزكاةِ الثمانيةَ، فَإِن سُنَّة الوَقْفِ، فَتَحَتِ اَلمجالَ أَمَامَ الواقفين لِيَشْتَرِطوا شروطا تَخُصُّ الفئةَ المستفيدةَ وَالْـمَجَالَاتِ اَلَّتي تُصْرَفُ عليها عَائِدَاتُ أَوْقَافِهِمْ، فَـخَصَّصُوهَا تَارَةً وَجَعَلُوهَا لِعُمُومِ اَلْبِرِّ تَارَاتٍ أُخْرَى، وَلهذا وَجَدْنَا أَوْقَافًا رَفَدَتِ اَلتعليمَ، وأخرى رَفَدَتِ الصِّحَّةَ، وأخرى رَامَتْ رَفْعَ اَلْحُوجِ عن فِئَاتٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ المجتمعِ، وأخرى تَجَاوَزَتْ كُلَّ ذَلكَ لِتَخْتَصَّ بِحِفْظِ البِيئَةِ اَلْعَامَّةِ وَغَيْرِهَا.
الآن وبعد الدَّعَاوَى التي أَفْتَى أَصْحَابُهَا بِـجَوازِ صرف الزكاة لغير المسلمينَ، والأخرى التي أَفْتَتْ بإمكان صَرْفِهَا لمؤسساتٍ دوليةٍ عَامِلَةٍ في المجال الإنساني لتوزيعها، وَقَدْ بَاشَرَتْ بَعْضُهَا في تحصيلِ الزكاة، وكَأَنَّ المؤسساتِ الخيريةِ الإسلاميةِ وصَنَادِيقِ الزكاةِ عَاجِزَة عَنِ الوُصُولِ إِلَى اَلْـمُسْتَحِقِّينَ، وَبَعْدَ اَلتَّضْيِيقِ اَلْحَاصِلِ عَلَى اَلْعَمَلِ الخيريِّ الإسلاميِّ تَحْتَ فَزَّاعَةِ تَمْوِيلِ اَلتَّطَرُّفِ والإرهابِ، أَصْبَحَ مِنَ اللازمِ مِنَ النَّاحِيَةِ الشرعيةِ مُرَاجَعَةُ وَمُتَابَعَةُ كل الفتاوى التي تَصْدُرُ في شَأْنِ اَلزَّكَاةِ، والاهتمام ِبَحْوكَمَةِ المؤسسات التي تُشْرِفُ عَلَيْهَا وَتُدِيرُ شُؤُونَهَا حَتَى تَضْمَنَ دَوْرَهَا الذي شُرِعَتْ لَهُ وِفْقَ مَصَارِفِهَا الشرعية.
أَمَّا الوقفُ، فَقَدْ تَأَكَّدَتْ تَارِيخِيًّا قُدْرَتُهُ على تَأْمِينِ المجتمعاتِ، وَتَأَكَّدَ دَوْرُهُ اَلطَّلِيعِيُّ فِي أَزْمِنَةِ اَلكوارث الطبيعيةِ وفي العَمَلِ الخيريِّ الإنسانيِّ ودعمِ التنميةِ البشرية. فما هو دور الزكاة والأوقاف في تحقيق المجتمع الآمِنِ