تَتَعَالَى بَيْنَ اَلْفَيْنَةِ وَالأُخْرَى دَعَاوَى بِضَرُورَةِ مُرَاجَعَةِ اَلتُّراثِ الإِسلاميِّ بِذَرِيعَةِ تَنْقِيَتِهِ مِنْ شَوَائِبِ اَلتَّشَدُّدِ والغُلوّ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الدَّعاوَى أَتَتْ بِالتَّلْمِيحِ فِي كِتَابَاتِ بَعْضِ المستشرقينَ في القرونِ الثلاثةِ الماضيةِ، فَإِنَّهَا الْآنَ صَارَتْ مَوْضُوعَ تَصْرِيحٍ مِن عُلَمَاءَ وأكاديميينَ وَبَاحِثِينَ من قلبِ العالمِ الإسلاميِّ. لَقَدْ كَشَفَتْ بَعْضُ عَمَلِيَّاتِ مُرَاجَعةِ الدراساتِ القرآنيةِ والحدِيثِيَةِ ومُرَاجَعَاتِ المدوناتِ الفقهيةِ والدراساتِ العَقَدِيَّةِ اَلْجَارِيَةِ نِيَةَ البعْضِ في مَرْكَزَةِ اَلْفِكْرِ العِلْمَانِيِّ في قَلْبِ الدراسات الدينيةِ بِدَعْوَى اَلتَّحْدِيثِ وَالْحَدَاثَةِ وَتَنْفُّسِ رُوحِ اَلْعَصْرِ، كَمَا بَرَزَتْ رَغْبَةُ مُتَصَدِّرِيهَا فِي إِخْضَاعِ المعرفةِ الإِسلاميةِ لِـمَعَايِيرَ بَحْثِية وَمَفَاهِيمِيَة دَخِيلَة تُوَسِّعُ مِنْ دَائِرَةِ اَلشُّبُهَاتِ وَالتَّشْكِيكِ، وَتَصُوغُ تَصَوُّرَاتٍ يَصْعُبُ عَلَى أَجْيَالٍ مُتَعَاقِبَةٍ تَصْحِيحُ آثَارِهَا اَلسَّلْبِيَة.
في نَفْسِ الوِجْهَةِ، يَخْضَعُ تاريخُ الإسلامِ لِـحَمْلَةِ مُرَاجَعَاتٍ خَارِجَ دَوَائِرِ اَلاِخْتِصَاصِ؛ هَكَذَا يَتِمُّ تَصْدِيرُ شَخْصِيَّاتِ قَلِقَةٍ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ فِكْرًا إِصْلَاحِيًّا، وَيَتِمُّ تَصْدِيرُ مَنْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الأمةِ عَلَى وَسْمِهِمْ بِالزَّنْدَقَةِ مُجَدِّدُونَ بِفِكْرٍ نَاقِدٍ، وَيَتِمُّ طَمْسُ مَعَالِمَ نَاصِعَة مِنْ تَارِيخِ المسلمينَ، فَلَا تُصَدَّرُ إِلَى اَلْوَاجِهَةِ إِلَّا صُوَرُ صَلِيلِ اَلصَّوَارِمِ وَصَهِيلِ اَلْجِيَادِ، وَجَزِّ الرًّؤُوسِ، وَوَقْعِ اَلسِّيَاطِ، وَالدِّنَانِ واَلْقِيَانِ وَأَسْوَاقِ اَلنِّخَاسَةِ وَصُوَرِ اَلنُّكُوصِ...
وَنَظَرًا لِمَا لِمَوْضُوعِ اَلْبَحْثِ فِي تَارِيخِ اَلْإِسْلَامِ مِنْ أَهَمِّيَةِ في إِطَارِ المعرفةِ الإِسْلَامِيَةِ كَكُلٍّ، وَنَظَرًا لِمَا يَتِمُّ تَرْوِيجُهُ مِنْ شُبُهَاتٍ تُصَاغُ فِي أَوْعِيَةِ تَوْصِيلِ اَلْمَعَارِفِ اَلْمُعَاصِرَةِ عَلَى أَنَّهَا مُسَلَّمَاتٌ وَحَقَائِق، وَاِسْتِنْهَاضًا لِدَوْرِ اَلْمُؤَرِّخِ في اَلتَّجْدِيدِ وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّنْقِيحِ، خَصَّصْنَا هذه الجلسةَ مِنْ برنامج "وآمنهم من خوف" لِمُقَارَبَةِ مَوْضُوعِ: وَاقِعِ البحثِ في تاريخ الإسلام في العالم الإسلامي.