حين يعي الإنسان المسلم إنه مستخلف في الأرض وحامل لأمانة نأت بها السموات والأرض والجبال... وحين يوقن أنه بإسلامه عَظُمَت مسؤوليته فأصبح مُطَوَّقًا بواجبات ومُطالبًا بحقوق... وحين يؤمن بأنه فرد من خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر,,,وبأنه أُمَّةٌ وحده حين يجتنب سبيل المشركين، ويخلص العبادة لرب العالمين...
فقد وجب أن تكون حياته محددة المقاصد والغايات، مما يدفع به للعمل على إشاعة الخير وإسعاد الناس بتبليغهم الرسالة الخالدة، والاجتهاد في تحقيق العدل والسلم والتوافق على الكلمة السواء، كما يعمل في الوقت ذاته لأجل سعادته؛ فينشد القبول والفوز برضى الله عز وجل.
ومن هنا صار للزمن قيمة في حياة المسلم ، وصارت الأَهِلَّةُ مواقيت يراجع فيها نفسه فيعي أين أخطأ، وأين أصاب. إن إحساس الإنسان المسلم بالزمن وقيمة الوقت، تؤطر رؤيته للعالم، فالدنيا ممر والآخرة مستقر. ولما كان الأمر كذلك، فقد وجب عليه أن يعي معادلة الحياة، فلا ينسى نصيبه من العاجلة، ولا يطغى في طلبها وإيثارها على دار القرار، فينهى نفسه عن الهوى ليغنم جنة المأوى. وهذه المعادلة التي تؤطر عمل المسلم وعلمه، تولد لديه لزوما رغبة أكيدة في الاجتهاد في العبادة والإخلاص في العمل، خاصة في الأزمنة التي اختصها الله تعالى وشرفها على غيرها ، ومنها شهر رمضان ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ﴾
وعليه فإن هذه الجلسة تهدف إلى رسم المعالم الأساسية لبرنامج المسلم في شهر رمضان من خلال طرح الأسئلة التالية:
•كيف يهيء المسلم نفسه ليؤدي ما يجب عليه وما يستحب أداؤه من صيام وقيام وتلاوة ودعاء وذكر وصدقة؟
•كيف يجعل من رمضان مناسبة للتأمل في مساره، ومحطة للتدبر في آلاء ربه؟
•كيف يتخذ منه منطلقا للإصلاح ومحطة لتجديد الارتباط بخير أمة أخرجت للناس؟