قال الله تعالى في سورة الأنبياء ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ أي رؤساء يقتدى بهم في الخيرات وأعمال الطاعات، ومعنى ﴿بِأَمْرِنَا﴾ أي بما أنزلنا عليهم من الوحي والأمر والنهي، فكأنه قال: يهدون بكتابنا. وقيل: المعنى يهدون الناس إلى ديننا بأمرنا إياهم بإرشاد الخلق ، ودعائهم إلى التوحيد. ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ﴾ أي أن يفعلوا الطاعات . ﴿وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ أي مطيعين .
وعليه يصبح المؤمنون بالوحي، المصدقون بالنبوة، على سبيل الاقتداء بالأنبياء، ملزمون من جهة بتفهم موقعهم بين العالمين، فيحرصوا على أن يكونوا مثالا لغيرهم في فعل الخيرات ونفع العباد ودعوتهم إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله عز وجل، ومن جهة ثانية ونتيجة لما هم عليه من الهداية هم مُجِدُّون في الطاعة، حريصون على العبادة.
وفي خضم الفتن والمحدثات الجارية في العالم، وبروز دعاوى التضليل وطغيان فكر الإرجاء والتواكل، وانتشار دعاوى الفئوية العصبية ومعاداة الإسلام، يصبح من الضروري مراجعة أحوال المسلمين، ومدى وعيهم بالرسالة الإلهية التي هم منوطون بتبليغها للعالمين، ومدى أهليتهم للقيام بهذه الرسالة العظمى.
وتسعى هذه الجلسة إلى معالجة القضايا السالفة الذكر من خلال تدبر قوله تعالى: "وكانوا لنا عابدين".