إن أول ما يستوقف الناظر في موضوع "تجديد الخطاب الديني" أنه قُدم وفق نمطين من التفكير:
الأول، نمطٌ دخيل فَهِمَ من التجديد التغيير المطلق ونقد الأسس، ونظر إلى نص الوحي بنفس آليات نظره إلى النصوص البشرية، واستعار أسس ومنطق النظر الغربيين في تحجيم الدين في الحياة العامة وإخضاعه لتصورات ومفاهيم وفلسفات اعتبروها إنسانية وكونية.
الثاني، نمطٌ أصيل، نظر إلى تجديد الخطاب الديني في إطار نظرته إلى تجديد الدين مصداقا للحديث الشريف :"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"، واعْتَبَرَتْ نظرةُ تجديد الخطاب الديني المُجَدِّدَ والمُجَدَّدِ له والمُجَدَّدَ وزمنَ التجديد، بينما تحدد هدفها في تجاوز المعوقات ومجابهة التحديات مع المحافظة على جوهر الدين باحترام تام للنصوص قطعية الثبوت قطعية الدلالة، وحصر الاجتهاد والتجديد في دائرة النصوص الظنية الثبوت الظنية الدلالة.
وتجديد الخطاب الديني هو جزء أساسي من عملية إصلاحية مرتبة ترى التجديد تطورا وانتقالا إلى حال يتصفى فيها الدين من الشوائب و الأفكار التي تلحق به جراء الفهم الخاطئ للبشر ليعود إلى جذوره الصافية النقية الثابتة زمن السلف الصالح من الأمة. لكن هذه العودة بقدر ما هي عودة إلى الماضي الخالص هي وثبة نحو المستقبل إذ عندكل فترة تجديدية تتأسس دورة حضارية جديدة تضع المسلمين في سياقهم الصحيح أمة داعية للخير، ناهية عن المنكر مؤمنة بالله.
وتسعى هذه الجلسة إلى تجلية مسألة "تجديد الخطاب الديني" بالوقوف على المحاور التالية:
•دواعي تجديد الخطاب الديني
•تأصيل مصطلحي لـمفهوم تجديد الخطاب ديني
•دعاوى تجديد الخطاب الديني وثقافة المجدد
•المستهدفون بتجديد الخطاب الديني ومجالاته
•مقتضيات زمن التجديد، و هل تجديد الخطاب الديني مؤسسي أم فردي؟
•وقفة عند بعض المحاولات التجديدية للخطاب الديني