تتعرض الأمة الإسلامية بصفة دائمة للاسْتِهْدَافِ من طرف المُغَايِرِينَ في إطارِ صِرَاعٍ مُسْتَرْسِلٍ بين الحقِّ والباطلِ والعَدْلِ والجَوْرِ، والإيمانِ والكُفْر.
وقد تجلى ذلك الاستهداف في صُوَرٍ عديدة تَرَاوَحَتْ بين الحرب وإراقَةِ الدِّمَاءِ، وتَسْمِيمِ الأجْوَاءِ بِإِثَارَةِ نَعْرَاتِ الجاهليةِ وتَأْجِيجِ العِرْقِيَّةِ واسْتِمَالَةِ بَعْضِ أبناءِ الأُمَّةِ إلى أَفْكَار تَجْعَلُهُمْ مُسَخَّرِينَ لِغَيْرِهَا.
وقد نتج عن كُلِّ أساليبِ الاسْتِهْدَافِ التي تعرضت لها الأمة الإسلامية، اخْتِلاَلٌ في فَضَاءِ الأُمَّةِ الجغرافِيِّ والثَّقَافِيِّ، واختلالٌ في بِنْيَاتِهَا الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ واختلالٌ في رُؤْيَتِهَا للعَالَمِ، وتَضَارُبٌ في دَوْرِ مُؤَسَّسَاتِهَا الحَيَّةِ وعلى رَأْسِهَا مُؤَسَّسَاتُ العُلَمَاءِ.
وَلِتلاَفِي حَالاَتِ الاخْتِلاَلِ تِلْكَ، وَجَبَ على الأُمَّةِ أَنْ تُفَكِّرَ فيما يُؤَمِّنُ مُسْتَقْبَلَهَا أُمَّةً فَاعِلَةً مِنْ أَجْلِ الخَيْرِ، كَمَا تَعَيَّنَ أَنْ تَصْدُرَ في ذلك عَن مفهومِ أصيلٍ للأَمْنِ في القرآن الكريم والسنةِ الشريفةِ، وتَسْعَى إلى تَحْقِيقِهِ إِذْ بِتَحَقُّقِهِ تَتَرَسَّخُ مَآلاَتُهُ المُفْضِيَةُ إلَى الطُّمَأْنِينَةِ والسلام.
إِنَّ تَحَقُّقَ الاِطْمِئْنَانِ وانْتِفَاءَ خَطَرِ اَلْخَوْفِ بِتَحَقُّقِ المجتمعِ المؤْمِنِ الآمِنِ الذي يَقُومُ فِيهِ الدِّينُ وَتُصَانُ فِيهِ الحُقُوقُ والأَنْفُسُ والعُقُولُ، وتوضع فيه الأُمَّةَ في مَسَارِهَا الصَّحِيحَ أُمَّةً نَاقِلَةً لِلْقِيَمِ إِلَى العَالَمِينَ، لِأَنَّ رسالة الأُمَّةِ لاَ تَنْحَصِرُ عِنْدَ حُدُودِهَا الجغرافية بَلْ تَتَعَدَّاهَا إِلَى العالم بِرُمَّتِهِ "وما أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين".
وعليه تسعى هذه الجلسة إلى بلورة تصور الأمة لأمنها الثقافي من خلال مناقشة النقاط التالية:
•تأصيل مفهوم "الأمن الثقافي" من منظور إسلامي
•تصور خصائص الأمن الاجتماعي والاقتصادي الإسلامي
•تصور الأمن السياسي من منظور الإسلامي
•تصور الأمن الروحي من منظور إسلامي
•ضرورة تحصين القيم لصون الأمن الثقافي للأمة
•الأمن الثقافي والعلاقة مع المنظومات الثقافية الأخرى
•دور العلماء في تحقيق الأمن الثقافي في المجتمع الإسلامي