نبعت فكرة منصة «وآمنهم من خوف» الإلكترونية من البرنامج الحواري الرمضاني الذي دأبت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر على إعداده خلال شهر رمضان منذ عام 1435هـ، وهو عبارة عن جلسات ناقشت مشكلات وقضايا تهم حاضر الأمة الإسلامية ومستقبل أمنها الثقافي الشامل والتحديات التي تواجهها. وخلال جلسات البرنامج، حرصت الهيئة العلمية لبرنامج "وآمنهم من خوف" على أن يكون البرنامج منبرا حرا مباشرا قَدَّمَ خلاله أعلامٌ من علماء الأمة ومفكريها رؤى تأصيلية ومراجعات فكرية وأطروحات تجديدية لمشروع حضاري يليق بأمة القرآن في شهر القرآن.
وحرصا منها على توسيع قاعدة الانتفاع بمضامين برنامج «وآمنهم من خوف»، وسعيا إلى تجديد عهد الأمة الإسلامية بأصواتها الحية المعتدلة المسموعة، وإسهاما في تصحيح المفاهيم الخاطئة التي ألصقت بالإسلام والمسلمين في زماننا، عملت الوزارة على إطلاق منصة «وآمنهم من خوف» الإلكترونية لتكون فضاء للحوار الصادق البناء، ومنبرا يبعث الأمل في نفوس شباب الأمة من أجل الإسهام بشكل فعلي في مكافحة أفكار التشدد والغلو والنكوص، ومقاومة الأفكار الميتة التي باتت تؤرق المجتمعات المسلمة وتَحُدُّ من فعلها في التاريخ.
لقد تعالت في زماننا دعاوى عديدة قصد أصحابها زعزعة أممنا الروحي، وحاولوا بشتى الطرق التشكيك في ثوابتنا وفي أصول عقيدتنا، رغبة منهم في تحويل التعدد المذهبي والتنوع الثقافي الاثني لأمتنا إلى نقمة، وقد سَخَّرُوا لذلك فريقا من بني جلدتنا ممن شطوا عن سياق الأمة فتقمص بعضهم جلباب العلم الشرعي بغير علم وساقوا فريقا من شباب الأمة إلى جحيم الغلو وأغرقوهم في بحار الدماء، بينما انسلخ البعض الآخر من هويته وخرج عن سياقه وتحول إلى معول للهدم حاملا لواء التغريب.
ولما كانت سنة التجديد ثابتة لديننا، مصداقا للحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" [رواه أبو داود (رقم/4291) وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (149)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/599)]، فإن ما تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من مظاهر النكوص والانحسار والحروب والنزاعات، لا يعدو أن يكون فاصلة من الفواصل التي حتما سيعقبها انفراج إلى حال ينصلح فيه أمرها، وتعلو فيه رايتها، وتعود كما قرر ربها خير أمة أخرجت للناس تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتومن بالله. فلا بد أن ترجع الأمة إلى سياقها، وتفكر بآلياتها وفقا لكتابها ولسنة نبيها، فتجدد ما يقر الشرع بتجديده، وتتشبث بما هو قطعي ثابت لا مجال للنظر فيه.
وترحب منصة «وآمنهم من خوف» الإلكترونية بكل الأقلام التواقة إلى تجديد الخطاب الديني وفق أسس الشريعة وأصولها، وتهيب بالسادة العلماء الذين يحملون هم الإصلاح، ويعملون ليلا ونهارا من أجل لم شمل الأمة وإحياء مجدها وتبصير شبابها، أن لا يترددوا في النشر على صفحاتها، والتفاعل مع ما ينشر بها، وما يناقش على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي.
وفقنا الله وكافة الصادقين لما يحب ويرضى، ورزقنا الإخلاص والسداد في القول والعمل، "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" صدق الله العظيم.