كفلت الدول الإسلامية حق التعلم عبر التاريخ، وخصصت الأوقاف الإسلامية لرعاية مدارس العلم وكفالة طلابه وبناء المعاهد والجامعات، واستطاعت المدارس الإسلامية أن تنتج أجيالا من العلماء في شتى مجالات المعرفة.
غلا ان الأمة الإسلامية قد عانت في العصور المتأخرة من نكوص حضاري أدى إلى تعطيل مسارها التعليمي، وبدلا من إصلاح مؤسسات التعليم الراكدة، أخذت بعض الدول تبحث عن سبل التقدم والرقي بفرض العلمنة بدعوى التحديث والمعاصرة. وأدى ذلك الانفصام إلى ظهور نمطين من التعليم في مطلع العصر الحديث؛ أحدهما وُسم بـ"الشرعي" أو "العتيق" ينحصر في أساليب عتيقة ترتسم معالمها في الكتاتيب، ووتنحصر وظائف خريجيه في الإمامة والخطابة وسلك التوثيق الشرعي، بينما وُسم الآخر ب "العصري" خُصِّصَ له الجزء الأكبر من الموازنات الرسمية، وفتحت أمام منسوبيه الوظائف الحيوية التي تقوم عليها الدولة.
وفي الوقت ذاته، سعت مختلف الدول الإسلامية إلى إخضاع التعليم الديني الإسلامي لما اعتبرته خصوصيات تتميز بها عن غيرها، مما أفضى في النهاية إلى خضوع التعليم الديني لخريطة مذهبية ومعتقدية متشعبة قللت من تاثيره وحدت من إمكانات تفاعل مراكزه مع بعضها البعض.
وعلى إثر تزايد المخاطر الناجمة عن ضعف مُخرَج المدارس الدينية، وهيمنة تيارات الغلو والتشدد على بعض المؤسسات التعليمية، فقد عملت بعض الجهات الغربية على معالجة هذه المخاطر من خلال التدخل في مناهج التعليم الديني للتأثير على المشهد الإسلامي من خلال تبني منظومة فكرية بديلة ودعم منسوبيها في منابر الإعلام ومراكز البحث والجامعات، وقد أفضى هذا التطويع إلى تشكيل شريحة جديدة غالبا ما تشكل أطروحاتها ردود أفعال أكثر تطرفًا وسلبية مما كان الواقع علي من قبل.
ووعيا بضرورة إصلاح التعليم الديني الإسلامي والرقي به ليضطلع بدوره في تحقيق النهضة الحضارية للأمة، ويقوم بدوره الحاسم في تكوين جيل جديد يستوعب روح العصر وعلومه، ويلم بشروط تحقيق النهوض، تناقش هذه الجلسة إصلاح التعليم الديني من خلال مقاربة المحاور التالية:
•خصوصيات التعليم الديني في العالم الإسلامي
•تعليم الدين والتعليم الديني
•خريطة التعليم الديني في العالم الإسلامي (المناهج والوسائل والآفاق)
•مسؤولية تجديد التعليم الديني في العالم الإسلامي، ومن يضطلع بها؟
•دور مؤسسات العلماء في إصلاح التعليم الديني في العالم الإسلامي
•دور الأوقاف في تطوير مؤسسات التعليم الديني الإسلامي