بعد حركات مقاومة شديدة، شقت أغلب بلاد العالم الإسلامي طريقها في سبيل بناء دول وطنية خلال النصف الأول من القرن العشرين، وسارعت الدول المستقلة إلى صياغة علاقاتها الخارجية بعد ذلك وفق معادلة استقطاب تمحورت حول قوى الشرق الشيوعية والغرب الرأسمالي، مما أوقع بالعديد من الدول العربية والإٍلامية في ربقة التبعية ومأزق تحديد الهوية. وقد شهدت السنوات الأخيرة من القرن العشرين تصاعد موجة العداء ضد الإسلام، وتم شن حملات كراهية دينية قصدت الإساءة إلى المقدسات والرموز الإسلامية، ورُسمت للإسلام صور هو براء منها أرغمت المسلمين إلى سلوك طريق رد الفعل، عوض القيام بدورهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإشاعة قيم العدل والمساواة والتعارف من أجل بناء مجتمع إنساني عادل.
وإذا كانت بعض الجهات في الغرب قد استفاد من أجواء الاضطراب السالف الذكر، فإن هذا التوتر قد أفضى إلى تنامي الوعي لدى الشعوب الإسلامية، فقامت الحركات الشعبية في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا، وكان من نتائج ذلك وضع بعض التيارات الإسلامية أمام محك الحكم بعد أن نجح أغلبهم في إقناع الشعوب بمصداقية التجديد والإصلاح عن طريق صناديق الاقتراع ولو في نمط ديمقراطي بمقاس غربي يدعم قيام دول مدنية تتوافق فيها جميع القوى المجتمعية تحت سقف من القناعات، ونتج عن ذلك ردود أفعال عنيفة تجاه تعريف الدول المدنية والعلاقة بين الدين والسياسة في المجتمعات العربية.
من جهة أخرى، تعيش أغلب بلدان العالم الإسلامي أزمة في التعليم، وتناميا في معدلات البطالة، وتدهورا في الاقتصاد، وانخفاضا في معدلات التنمية، وخللا في أمنها الثقافي في ظل أزمة في الوعي طالت المؤسسات الدينية التقليدية واصطفاف بعض "المراجع الدينية" لأطروحات تفتيتية تفرق ولا تجمع..
وستعمل هذه الجلسة على مقاربة موضوع التحولات والتحديات في العالم الإسلامي من خلال مقاربة المحاور التالية:
•واقع العالم الإسلامي بين أزمنة النهضة والصحوة والثورة
•مؤسسات العلماء ودورها في توجيه حراك الشعوب إلى بر الآمان
•هل الدول المدنية أنموذج للتوافق؟ ، وما موقع الدين منها؟
•الحركات الإسلامية وضرورة المراجعة
•كيف السبيل إلى النهوض؟