﴿كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان﴾
للزمن قيمة عظيمة في حياة الإنسان المسلم، فهو يعلم أنه مستخلف في الأرض وحامل لأمانة لم تطق السماوات والأرض والجبال حملها، وهو آخذ بما فيها؛ إن أحسن جوزي وإن أساء عوقب. ولما كانت الأمانة شاملة للشريعة الإلهية ومقاصدها الجليلة، فقد استلزم لرعايتها حق الرعاية إدراك قيمة الوقت وتجنب إفنائه فيما يخرج الفرد عن طاعة ربه. عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به؟"؛ فالوقت بالنسبة للمسلم عُمْلَةٌ ثمينة إن أحسن استثمارها غَنِمَ وإن أهدرها وضَيَّعَهَا أَثِمَ. وهذا الوعي بقيمة الزمن يؤطر عمل المسلم فيعي معادلة الحياة، فلا يغبن نفسه في صحته وفراغه، ولا تجرفه العاجلة فتنسيه "الآجلة"، بل يأخذ نصيبه من الدنيا، ويبتغي الدار الآخرة، قال المصطفى عليه الصلاة والسلام:" إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل".
وتزداد قيمة الوقت في حياة المسلم في الأزمنة التي اختصها الله تعالى وشرفها على غيرها، ومنها شهر رمضان ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ﴾ سورة البقرة، الآية 185.
قال ابن عباس رضي الله عنه :﴿كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان إن جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ فيعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة﴾.
وعلى هذا فإن شهر رمضان مناسبة سانحة للمسلم كي يجدد صلته بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، وهو فرصة لينظر بعين فاحصة للموضوعات والأفكار والمفاهيم الجارية في عصره.
وتروم هذه الحلقة مقاربة المحاور التالية:
•كيف ينبغي للمسلم أن يعي "الزمن".
•قيمة التخطيط في حياة المسلم.
•المسلم المعاصر بين السلف والخلف
•موقف المسلم من قضايا: العدل - المساواة – الحرية – الظلم – الاستبداد - العنصرية – التخلف - التنمية...
•دور المسلم في تصحيح صورة المسلمين.