الرئيسية >>   جلسات رمضان ١٤٣٩ هـ >> الجلسـة الثالثــة : واقــع التعليــم الدينــي في العــالم الإســلامي

الجلسـة الثالثــة : واقــع التعليــم الدينــي في العــالم الإســلامي

طورت الأمة الإسلامية عبر تاريخا أنموذجا تعليميا بَوَّأَهَا في فترة طويلة من التاريخ الصدارة في العطاء العلمي والسبق في العلوم بشتى فروعها؛ ففي فترة وجيزة استطاعت "أمة الإسلام" أن تؤسس في كل البلاد التي أشرقت فيها شمس القرآن مدارس للتعليم خُصصت لها أوقاف لرعاية طلابها وضمان العيش الكريم للمشتغلين بالتدريس فيها، وتوفرت فيها كل المتطلبات الضرورية لإنجاح العملية التعليمية.

 وكانت أمة الإسلام سباقة إلى إطلاق "الجامعة" بمفهومها الحديث، فكانت القرويين والزيتونة والجامع الأموي وجامع قرطبة والأزهر الشريف، والحرم المكي والمسجد النبوي وبيت المقدس، والمحاضر في العمق الإفريقي، ومدارس التعليم الديني في آسيا الوسطى وبلاد البلقان، منارات للتعليم بكل أطواره طيلة خمسة عشرة قرنا.

لكن ولأسباب متعددة، كان أهمها ضعف الأمة الإسلامية وتداعي الأمم عليها خلال القرنين السالفين، تراجَع التعليم الديني في بلاد المسلمين، وبعد أن كان يشمل كل مجالات العلوم، انحصر في تعليم علوم الدين وبعض علوم الآلة بمناهج تقليدية، ولم تستطع مُخرجاته أن توفر كوادر تؤمن للشعوب الإسلامية حاجتها من المتخصصين الذين يحتاجهم النمط الحديث للدول. وقد اختطت أغلب الدول في البلاد الإسلامية مناهج في التعليم قسمته إلى صنفين:

    • تعليم ديني صِرْف تعددت مسمياته (تعليم شرعي تعليم عتيق تعليم إسلامي...إلخ)
    • تعليم عصري، وقد مُكن بأسباب النجاح، وفُتحت أمامه الآفاق ليكون بديلا لنظام التعليم في البلاد المسلمة. ولما كان تخطيطه يرنو إلى مواكبة نمط "الدولة المدنية العصرية" فقد ظل رهين نظريات الغرب وحبيس الرؤى التحديثية والعلمانية.

وبعد مرور عقود على هذا النمط العصري، وجدت الشعوب الإسلامية نفسها في أزمة حقيقية تتمثل في كون هذا النمط لم يستطع رغم استنزافه لمقدرات كبيرة من موازنات الدول الإسلامية تحقيق التنمية لشعوبها؛ فجامعات العالم الإسلامي على الجهد الذي يصرف فيها تتذيل قائمة الجامعات العالمية، فلا هي حققت التقدم المرجو ولا هي حافظت على خصوصيات شعوبها الثقافية بالشكل المطلوب.

أما التعليم الديني، فقد ظل في إطار متحفي يعاني من قلة الموارد المالية الكفيلة بالنهوض به، لم يجدد مناهجه، ولم ينفتح على علوم العصر، وقد تعرض خلال العقدين الأخيرين لأشرس هجمة في تاريخه؛ فاعتُبر مُؤَجِّجًا للغلو والتشدد ومغذيا للتطرف وعنوانا للنكوص، وخطرا على السلم في العالم.

            فما هو واقع التعليم الديني في العالم الإسلامي؟

            وما هي الأسباب الحقيقية لتراجع فعله في المجتمعات المسلمة؟

            وماذا عن فرية تغذيته للتطرف؟

            وما السبيل إلى تطويره والنهوض به؟